Friday 9 October 2009

الضائعة "رجال مخلصون"


عندما ارتادت عربة المترو ووقفت كالعادة ارهفت سمعها الى فتاتين الى جوارها كان الحديث مثيرا فهو يتحدث عن الخيانة فالفتاة تروي لصديقتها كيف خدعها حبيبها
- كل الرجال كاذبون وخائنون

فحدثت نفسها وهي تبتسم في سخرية : ابدا فقد قابلت رجالا مخلصون

- لماذا كلما احببت رجلا ووثقت فيه خدعني ووجرحني ؟

فتعود لتحدث نفسها:
لماذا كلما قابلت رجل مخلص جرحته ودمرته؟؟!

ثم شردت بذهنها لبعيد تفكر في اشخاصا مروا بحياتها ،وأولهم والدها كيف كان يقهر امها ويضربها ويعاملها بقسوة وجفاء حتى انها ابدا لم تكن تشعر بأبوته

بالرغم من ذلك فقد كانت تحبه كثيرا ومن كثرة جفائه كانت تبكي وحيدة حتى انفصلا ابواها وودعته للأبد ، علاء رجل تذكره جيدا فقد كان مميزا بمعنى الكلمة

رجلا حقيقيا في كل تصرفاته ، سكناته وحركاته ، فقد كان لا يتركها ابدا حتى تصل الى باب منزلها او على الاقل شارعها ليطمئن انها صارت في امان

لا تدري لماذا كلما تذكرته تبسمت فهي تعلم أنه أحبها بشدة وكان يمتاز برجولة شديدة وشخصية قوية وحيوية لا متناهية ويمتلك روح الدعابة وخفة الظل ولكنه كان

" طيب اوي " هكذا كانت تقول له دائما ، و" وهل اصبحت الطيبة عيبا في نظرك ؟ " سألها ذات مرة اثناء احدى شجاراتهما ، احيانا كانت تراه سلبي وضعيف وربما ايضا

حبه لها وامتثاله الدائم لرغباتها هو سر نظرتها هذه ، لذا فقد خجبت كثيرا من أن توضح له أسباب تركها له وجرحها لقلبه الشديد الاخلاص ،كانت تتألم كثيرا كلما

تذكرته وكلما رأت إمرأة جرحها رجل فهي لم تكن ابدا تأمن الرجال لوكنه كان رجلا يؤتمن ومع ذلك تركته ربما انتقاما .

تبدو حياتها الان خاوية خالية من الحب ووجود رجل يهتم بها ، يبثها كل يوم كلمات تحرك المشاعر المدفونة والمتبلدة لا يهم ان تبادله الشعور وانما المهم هو وجود ذلك الرجل

فالحياة بدون حب صحراء قافرة هكذا كانت تفكر تبحث عن اي وهم تحتمي به ربما ينقلب الوهم الى حب حقيقي ذات مرة لا تدري فالزمن الذي يمر يجعلها تنكسر شيئا فشيئا

تخرج من حالة التمرد والكبرياء تشعر اكثر بالوحدة والوهن ترغب في وجود ذلك الرجل تقلب فى ماضيها باحثة عنه ذلك الرجل حبها الأول

تتذكره جيدا أول خفقة قلب ورعشة يد أول تنهيدة واول اغنية حب ادركت معناها جيدا او ابتسامة خجولة واول اشارة وامائة واول همسة حب

تتذكره وتتذكر ايضا كيف حطمت قلبه المسكين ، تتذكر كل الرجال الذين مرو في حياتها من احبتهم ومن لم تحب كلهم لم يسلمون ابدا من غطرستها وقسوتها

وغدرها المحتوم الغير معلوم الاسباب ، فى منتصف الثلاثينات هي الآن ترغب بشدة فى تكوين عائلة ، تشاهد الاطفال يمرحون ترغب فى احتضان وليدها

تتوق بشدة لأن تعيش مراحل الحمل ووآلام الولادة تعتصر ألما عندما تراهم يذهبون للمدارس ويلوحون لأمهاتهم

تتساءل ماذا تبقا لها من تمردها ورغبتها في الانتقام سوى الوحدة والضياع تبدو شاحبة وهي تفكر في سنوات العمر التي مضت بلا رجل فى حياتها سنوات عديدة بالفعل

لذا عنما طرق بابها أول رجل استسلمت عله يروي ظمأ السنين ، وكان حسام المهندس الجديد الذي جاء المكتب الذي تعمل به ، والذي أحبها بشدة رغم انه يصغرها بخمس سنوات

وتغاضت هي الاخرى عن السنوات الخمس بل لقد أرضوا غرورها فهي لاتزال جميلة ورائعة وتلفت انتباه من هم اصغر منها سنا شعرت بثقتها بنفسها تزداد

فأخير صار فى حياتها رجل يملاءها ويحتويها ، يخاف عليها عند تاخرها يتذكر يوم ميلادها يبعث إليها بالورود والهدايا يسمعها اجمل كلمات العشق والهيام

يطلبها للزواج عشرات المرات وتتدلل وتتعلل ثم تأخذ مهلة لتفكر ، هي لا تشعر نحوه بشيء ولكنها اظهرت له تجاوبا ملحوظا جعله على يقين انها ذائبة في عشقه

حتى قابلته صدفة عندما كانت تجهز لحفل بالمكتب وذهبت لشراء الحلوى الخاصة بالاحتفال كان هو الاخر يشترى المزيد من الحلوى انه حبها الأول

الذي تمنت دوما لو تراه او تلتقي به انه أول خفقة قلب أول دمعة عين انه هو امامها ولم يغيره الزمان كثيرا بل أصبح اكثر رجولة ووسامة واطول قامة

يتصرف بكل هدوء ورزانة تفاجأ هو الآخر بها واخذهما حديث الذكريات وعدد الضربات التي تلقاها من والده بسببها وبسبب درجاته السيئة لانشغاله بها

ناهيك عن فاتورة الهاتف بسببب محادثاتهما الليلية وتلك الدمية الصغيرة أول مااهداها وكيف أنه كان يرى هذه الأيام أسعد أيام حياته أما هي شعرت بالحنين إليه ، تمنت لو طلب منها ان يعودا ثانية حبيبين

وستخلص له للابد وتظل معه للابد ، ولكن ماذا عن حسام ؟؟ غلى متى ستظل متأرجحة وغير محددة لهدف هي لا تحب حسام لذا يجب ان تتخلص منه فورا ، قليل من القسوة لآخر مرة

فلابد منها هذه المرة من أجل ان تحيا حياة سعيدة فقد عرفت هدفها أخيرا وعرفت من تحب وقد أعاد القدر لها حبيبها ووضعه فى طريقها من جديد ويجب ان تستغل هذه الفرصة

"كل شيء انتهى " قالتها بجفاء شديد عندما كان هو يستقبلها بباقة ورود رائعة راغبا في دعوتها على العشاء وقبل ينطق بلماذا ؟

انصرفت هي على الفور وخارج الباب كانت تبحث عن رقم حبيبها بهاتفها النقال " الو وحشتني .. ينفع اشوفك النهاردة ؟؟"

وفي المكان والمعاد المحددان كانت معه دعوة فرح قدمها إليها لتحضر حفل زواجه السعيد

عندها نظرت الى الباب وهي تقف تنتظر الخروج وهي تمسح دمعة سقطت من جراء سيل الذكريات ولا تزال تلك الفتاة تبكي وتروي لصديقتها تفاصيل ذلك الخائن الغدار

نزلت إلى المحطة وفي رأسها تساؤل اذا كان كل الرجال مخادعون لماذا قابلت أنا رجالا مخلصون ولماذا كان جرحهم بيدي ؟ام ترى أني قد سبقت بذبحهم قبل ان بهمون هم بذبحي

بعد حين ؟؟