Saturday 6 April 2013

الرسم على جدار الألم (الرابعة)



كانت فريدة لا تغادر منزلها البسيط ولا حتى إلى شراء أي شيء قد تحتاجه
فقد كانت صديقتها "هبة" تأتي لزيارتها كل فترة هي الوحيدة التي كانت تعلم مكانها بينما كان والدها
حزينا يجوب الأرض بحثا عنها ، ساءت حالة فريدة كثيرا رغم حبها للوحدة وذلك العالم الذي
خلقته لنفسها تعزف وتكتب وتسرد لصديقتها مساءا حكايتها مع  يوسف حبيبها تلك القصة التي دمرتها ،
 كانت الأموال التي معها بدأت تنقص وبأي حال لن تكفيها لمصاريفها ففترة حياتها هنا في هذا المكان المنعزل طالت جدا ، ألحت عليها هبة أن تخبر والدها بمكانها فهو حزين جدا
لأجلها لكنها رفضت الفكرة  وهددتها بأن تذهب إلى مكان آخر لن تعرفه إذا فعلتها وأخبرت والدها
هدأتها هبة وطلبت منها أن تكمل لها قصتها مع يوسف ...

كان جد يوسف جادا لو أنها فتاة ممتازة كما يصفها سيزوجها له ،
 وماذا يتمنى سوى سعادة حفيده ولكنه يشك دوما
     في حكم يوسف على الأشخاص لذا أراد أن يكتشف بنفسه من هذه الفتاة ،
التقط هاتفه وبدأ التحدث : طلعت بك كيف حالك ؟ كنت أود أن أطلب خدمة أرجو أن تساعدني ، الله يحفظك
فقط أريد معرفة كل شيء عن هذا الاسم ، هي فتاة اسمها فريدة حسني شاكر وهي تعمل .....
 تلعثم وهو يقرأ واحمر وجهه وازداد غضبه وحنقه وهو يقول : معلمة للعزف على آلة البيانو في مركز خاص لتعليم الموسيقى والرقص .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
يوسف يدلف إلى المكتب ويتجه لإحدى الموظفات وهو يضع أمامها الكارت الخاص به  :
" السيد حسني شاكر من فضلك "
أمسكت به ثم أشارت له بالجلوس بابتسامة هادئة ثم اختفت في إحدى الغرف وعادت بعد دقائق لتخبره بأن السيد حسني  ينتظره بالداخل ،
جلس يوسف أمامه بكل ثقة وهدوء واحترام تواضع أيضا ،
بينما السيد حسني والد فريدة كان قد تراجع في مقعده في تعالي
 وهو ممسك بالبطاقة التي قدمتها له الموظفة منذ قليل
 قائلا : يوسف محمد عبد التواب بهجت ، ماذا يعمل والدك ؟
يوسف : والدي توفي في حادث وأنا صغير وجدي هو الذي رعاني وأنا أعمل معه الآن .
حسني مقاطعا : نعم أعلم كيف يسير عمل جدك بالهدايا والرشاوى ولكن هذا ليس سيئا
 بأي حال الأكثر سوءا هي التجارة في الأسلحة أليس كذلك ؟
يوسف وهو يحاول أن يخفي ارتباكه وقد صدمته طريقة حديثه : لماذا تتحدث هكذا عن جدي ؟
حسني : لأنها الحقيقة !
يوسف : كلا ، جدي رجل عصامي مكافح وأنا أعمل معه منذ سنوات وأقسم لك هذا كذب جدي ...
قاطعه مرة أخرى : أنا لا يهمني كثيرا أن تصدق ما يهمني ابنتي لا أريدها أن تتلوث في عالمكم  .
يوسف : سيدي أنا أحبها ، وهي تحبني أيضا ، سأترك كل شيء عمل جدي وهذا العالم كله إن
 أردت فقط لأكون معها سنسافر معا نحقق أحلامنا بفرنسا كما تفكر هي وتحلم .
حسني : يوسف ، ابنتي لها عالم خاص هي رقيقة جدا أنا ربيتها منذ أن كانت طفلة
 تركتها لي أمها و هي روح البيت والحياة لن تغادرني إلا للمكان ومع الزوج الذي أختاره
لها وأكن مطمئن عليها به ، أنت شاب جيد أنا أعلم هذا ومشاعرك نبيلة لكن عالمكم لا يناسب
 ابنتي على الإطلاق هل تحدثت لجدك عن عمل ابنتي هل مثل جدك الذي قتل طموحك
وموهبتك سيتفهم عمل ابنتي؟
انكسر شيئا داخل يوسف وهو يستمع إلى كلمات السيد حسني والد فريدة حبيبته إنه يرفضه بكل صراحة
وكل ما يقوله صحيح فهو بالفعل يجد صعوبة كبرى للتفاهم مع جده في مثل هذه الأمور ولكن هذه حياته
وفريدة حبيبته ولن يتخلى عنها هي من أعادته لهذا العالم الذي حرمه منه جده
 ولن يتركه ثانية يذهب ويعيش كآلة بلا روح ولا مشاعر ، جسد بارد مهمل بأحد أركان المنزل المظلمة .
لكنه لم يستطع أن يضف كلمة أخرى فانصرف مسرعا من المكتب .
خرج يوسف  منفعلا يود أن يحطم كل شيء أمامه استقل سيارته فسمع رنين الهاتف بنغمة مميزة
تمتم : آه يافريدة ماذا سأقول لكِ
أوقف السيارة وخرج منها وهو يمسك بالهاتف أتاه صوتها الدافيء :
يوسف ماذا فعلت أخبرني ليطمئن قلبي .
كان ينظر للنيل والسماء وهو يقول بصوت أشبه بالبكاء :
فريدة فراقك يعني نهاية الحياة بالنسبة لي ، يبدو أن الأمر
لم يكن سهلا كما تصورنا ولكن لا يجب أن نستسلم أبدا سنتمسك ببعض للنهاية ،
فريدة أأنتِ معي ؟
أتاه صوتها باكيا : أبي رفض ؟ لماذا لقد وعدني ؟
-         حبيبتي أرجوكِ لا تبكي ثقي بي أنا معك حتى الموت وأنتِ ؟!
-         معك للموت وبعده إن استطعت .

ــــــــــــــ
بكت فريدة وهي تغفو بين يدي صديقتها تحدثها : لقد خذلني وتخلى عني ، خلف وعده معي وتركني .
احتضنتها هبة بشدة وهي تحاول التخفيف عنها وهي تفكر .
كان يوسف مثاليا شهما فهو معروف بدماثة خلقه والتزامه هو لم يقبل أن يتزوج فريدة بدون موافقة أهلها
كان والدها عنيدا يحبها بشدة ، عندما رفضت الارتباط بابن شريكه وافقها ولكن على ألا ترتبط بيوسف أيضا
حاولت الهروب أكثر من مرة وكان من يعيدها إلى منزل والدها هو يوسف !
أيضا معركة يوسف لم تكن في جبهة واحدة كان يواجه جده الذي لم يكن أقل عندا من والد فريدة ،
 حتى والد فريدة ربما كان متفهما بعض الشيء إذا تم الضغط عليه مع الوقت سيلين أما جد يوسف
فقد كان يرى في فريدة فتاة سيئة
لا شخصيتها ولا عملها ولا عائلتها تناسبه ويوسف كان رقيق المشاعر حائرا بين جده الذي يحبه كثيرا
ولا يريد أن يفقده أو يغضبه وبين حبيبته الذي أعادت له كل ما فقده في الأعوام الماضية لذا فاختار
الألم لنفسه وفقط
غدا نكمل J