Saturday 7 July 2012

لمى قصة فتاة متحررة (18)






قد تتمنى أن تكون حرا لكنك تخشى ان تتعرف لأشخاص يمارسون حريتهم بكل عفوية وبلا أدنى شعور بالخوف

او القلق بينما أنت لا تجرؤ على تحرير نفسك من أفكارك ومعتقداتك ولا تحرير قلبك وعقلك

من كل ما قابلته في حياتك وكبلك وأجثم على أنفاسك

كالطير السجين في قفص يتابع بشغف كل مايدور حوله يتابع البشر والطيور يتحركون بحرية في كل مكان

بينما إذا خرج هو من قفصه يموت هكذا هناك نوعية من البشر تحب أن تستمتع برؤية نموذج حر

تتمنى أن تكون هو لكنها لا تستطيع وسرعان ماتبتعد وتخبو في سجنها ثانية لأنها لا تستطيع المجازفة

بالقرب من شخص متحرر أكثر من ذلك ،، بعيدا عن تلك الفلسفة التي تبدو مجرد فلسفة بينما هي

حقيقة واقعة يدل عليها تفاصيل هذه القصة ،، فقد كانت "لمى" فتاة رائعة الأنوثة منذ أن كانت طالبة بالثانوي

اسمها ملفت وحركاتها ملفتة كان الجميع يتوددون إليها ويحبون أن يتقربون منها ويصبحون أصدقائها البنات قبل الصبيان

لم يكن جمالها مبهرا فقد كانت سمراء لكنها حسناء تملك عينان عسليتان واسعتان يملأهما الحنان والتمرد

كانت تهتم بملابسها بشكل لا يليق بسنها

كانت تضع مستحضرات التجميل بعد مغادرة المنزل بعيدا عن أهلها

كانت الفتيات يحبون التقرب منها كنموذج غريب عنهم في مجتمعهم الضيق

فيضحكون على كمية المضايقات التي تتعرض لها بسبب ملابسها القصيرة والضيقة

لم يكن أهلها متحفظين تماما كانوا يسمحون لها بأن ترتدي القصير لكن مستحضرات التجميل لم يأتي وقتها بعد

وكنت انا تلك الفتاة المتحفظة تماما لم يكن هناك من يمنعني عن ارتداء ماترتدي أو وضح مساحيق الزينة

أو حتى الحديث للشباب كما كانت تفعل لم يكن هناك أي شخص يمكنه أن يراقبني أو يمنعني من أفعل لكني أبدا ما فعلت

كنت أستنكر تصرفاتها بشدة كنت رقيبة نفسي وكنت اوجهها أن ماتفعله خطا ورغم ذلك كنت استمر معها

واستمتع بتصرفاتها وكانها تعوض لي نقصا ما داخلي فانا أنصحها بلطف ولكني لم أجرب ان أعنفها أو أمنعها فعلا

من أن تفعل كل تلك التصرفات،، دخلنا الجامعة كان المجتمع أكثر انفتاحا والحرية مساحتها أكبر

فلا وجود للأهل مطلقا خاصة أن جامعتنا بعيدة وكنا نسكن بعيدا عن أهلنا في سكن للطالبات

لذا فملابسها ازدادت قصرا وضيقا و المساحيق كانت تزين وجهها في كل وقت ناهيك عن بعض

الموضات والتقليعات للفتيات في ذلك الوقت والتي لم تكن تفوتها أبدا

تعرفت لنصف شباب دفعتنا ،، كنت أتعجب أن هناك حسناوات يفوقونها جمالا بمراحل وكان الشباب يتهافتون

عليها بمجرد دخولها قاعة المدرج فمن يتحجج بمذكرات ومن يتفاخر امام البقية أن تعرف اليها سابقا واصبحت صديقته

كانت تقف معهم بالساعات ويتابدلون ارقام الهواتف ،، ومن يراها هكذا يعتقد أنها أحبت ألف مرة

بينما كانت تبحث بينهم عن رجل حقيقي تعشقه لم يحقق لها أي منهم رغبتها تلك في أن يكون معها رجل يتسم بالرجولة

كانو ذكور يعرفونها ليتفاخرون بمعرفتها عدت سنوات الجامعة حتى وصلنا للسنة الأخيرة

كان هناك معيد يدرس لها عشقها بجنون وتقدم لخطبتها

كان رجلا وسيما وأنيقا ومهذبا

يومها نصحتها ان توافق فورا رفضت بشدة ،، "هذه الحياة لا تناسبني لم أخلق لأكون ست بيت أطبخ واغسل " تعجبت لمنطقها

وحزنت لأجل ذلك المعيد الرائع من وجهة نظري

بدأت تأخذ طريقا آخر شعرت نحوه بالقل والخوف ،، بدأت تشرب السجاير

تركت سكن الطالبات وسكنت في شقة بمفردها

قدمت على تدريب في شركة قد تتيح لها فرصة ان تعمل بها فيما بعد التخرج

هي تخطط لتنفصل عن عائلتها تماما لا تريد ان تعود لمدينتها الصغيرة ومجتمعها المتخلف كما تصف

كانت تحيرني تصرفاتها فعندما يحدثها أحدهم عن الحب تنهره

بينما تخرج مع 10 غيره على اعتبار انها صداقة

لم أستسيغ أن تستضيف أحدهم في منزلها ليساعدها في تجهيز بعض الاشياء وهي تستعد لفرشها

لم أستسيغ أن تعيش بمفردها في شقة ويعرف طريق هذه الشقة الكثير من اصدقائها

بل ويمر احدهم بسيارته صباحا لياخذها لمقر الشركة أو يمر ليلا ليوصلها للمنزل

ورغم كل نهري لها إلا أني لم اقطع علاقتي بها تماما ابتعدت قليلا لكني لم اقطع علاقتي بها

فقد كانت تثير شغفي كنت استمتع بكل ما تفعله وهي تفعله ليس وأنا أفعله ولا أريد أبدا أن أفعله

رغم أن الفرصة كانت متاحة لي تماما

استمرت "لمى" تلك الغريبة واسمها الغريب في التحرر أكثر فأكثر تخرجت أنا وبدأت رحلتي في أخذ كورسات هنا وهناك

واستطاعت هي أن تحصل على الوظيفة بكل سهولة ويسر عن طريق وسطة من والد أحد أصدقائها ،،

عندما انتهيت أنا من أحدى الاختبارات للعمل بعد 3 أعوام من التخرج التقيت بها صدفة كانت أجمل

وارشق وأكثر أناقة وثقة اصطحبتني لسيارتها ثم قضينا اليوم معا تناولنا الطعام في مطعم فخم

ثم ذهبنا إلى منزلها الذي لا تزال تسكن فيه بمفردها

سألتها من أين لكِ هذا أكل هذا من عملك أم لا يزال والدك يساعدك ؟!

هي : لا الشقة والسيارة هدايا خطيبي سأتزوج بعد شهر وأسافر معه ؟

أنا : إلى أين هل يعمل بالخارج ؟

هي: لا بل هو أصلا من الخارج ابن صديق مديري وشريكه من الإمارات كان يأتي لزيارة المشروع

واعجب بي جدا وطلب الزواج

هذا ما كنت أحلم به أتزوج برجل غني أحبه ويحبني يقدم لي كل ما أريد ببيت رائع وسفر هنا وهناك

قلت : وحريتك وعنادك وتمردك الدائم كيف سيروض كل هذا ؟

قالت : لن يستطيع هو يقبلني كما أنا

لم أستسيغ الفكرة واعترف بأن وجودها في حياتي أربكني

وحضوري لحفل زواجها المبهر أربكني أكثر كان زوجها حقا رجلا وسيما متفتحا

لم أصدق أن القدر سيمنحها كل ماكانت تحلم به هكذا رجلا يقدرها كل هذا التقدير يضع ثروته بين يديها

يحبها ويغدق عليها وهي تعشقه وتعشق سخاءه واحترامه وتقديره لها

صرت اتسمع أخبارها كل شهر وعام بعد عام فأسمع أنها سافرت فرنسا

أو انجلترا أة أنها أتت لزيارة مصر اسبوع وعادت

وانها أنجبت ولد وبنت وأن هناك من تخدمها واخرى تهتم بالأطفال

تماما كما كانت تحلم وتنسج أحلامها أمامنا وكنا نقول مجنونة

كل من يراها وأسئله عنها يتحدث عن اهتمامها بنفسها وملابسها وأنها بعد عناء تحجبت

ولكنها لا تزال تضع المساحيق وترتدي ملابس انيقة

وعندما أتحدث مع صديقاتنا أرى في عيونهن حقدا كبيرا

كيف أنها عاشت حياتها حرية وانطلاقا ونحن من حافظنا

على سمعتنا في الاخير سنتزوج موظف نعيش معه بالكاد

أما هي فتعيش منعمة بعد ان عاشت بكل حرية انطلاق كيف يتزوجها رجل كهذا بكل ماضيها ؟

قلت : وماهو ماضيها هي ايضا كانت تحافظ عل نفسها هي كانت تعاملهم كأصدقاء

لم يرق لهن ذلك الحديث كما لم يرق لي ماقلته لم أحقد عليها لكنني تمنيت ان اتحرر مثلها

اتحرر من كل القيود فهي تحررت حتى من ضرورة انتمائها لبلدها وأن تتزوج مصري مثلها

وقلت: انها مسكينة فهي ستعيش غريبة بعيدة عن اهلها بقية عمرها

فرددن الصديقات : المسكينة أنتِ





5 comments:

  1. صباح الغاردينيا
    لمى شخصية موجودة حقاً ربما ساعدتها الأقدار ومنحتها كل ماحلمت به ولم تعاكسها وتصنع منها فتاة سيئة سمعة نادر أن يوجد رجل كـ زوجها الذي غفر ماضيها رغم أنه كان ماضي عابث فقط ولم يتمكن من تدنيس شرفها وظلت تحافظ على نفسها حتى حصلت على هذا الزوج "
    ؛؛
    ؛
    لروحك عبق الغاردينيا
    كانت هنا
    reemaas

    ReplyDelete
  2. انا اعرف لمى وكنت بحبها بس بصراحه انا مستحملتش تحررها و انفصلنا ^_^
    احمد عبد الحميد

    ReplyDelete
  3. كتير بتمر بأفكارنا مثل هذه الأفكار ..أن نتحرر أن نفك القيود فغيرنا قد فعل و نجح..ربما أكثر منا !

    و لكنا فى النهاية نوقن أنه لا يصح إلا الصحيح و أننا لن نفعل الصواب من أجل أحدهم و لكن من أجلنا نحن ..لأن فعل الصواب سيجعلنا نحن ..سيجعلنا نحترم ذاتنا و ان كان ليس من يقدر هناك !


    حلوة اوى القصة و عجبتنى اوى مدونتك يا اميرة

    تقبلى تواجدى و متابعتى

    تحياتي

    ReplyDelete
  4. من الرائع أن نتجرأ على أنفسنا و لا يجب بل هو مرفوض أن يتجرأ علينا أحد ، كلاً منا له بصمتة الفريده ليست فقط في الاصبع بل أيضاً داخل عقلة ، لكلاً منا إختيارة وتشكيلاتة الخاصة ، ليست من تروي القصة بمسكينة ولا أيضاً صاحبة الاسم الجذاب ، بل المساكين من يشاهد و يحقد .
    قصة رائعة تفاصيل مفعمة بالرضى والثبات لكلاً منهما على مبدأها ، هكذا يجب أن تعاش الحياة دون النظر لما يهم الناس ، لان في كلا الحالتين لن يتوقفوا عن الكلام .
    حبيبتي أميرة : كوني بخير :)

    ReplyDelete
  5. حجه اميره ايه الوصف والنقل الرائع دة
    لمى قصه فتاه امامنا لكنى لم اعاصر بعد لمى بتاعتك لانى لم اتقرب منهم يوما ما وبرغم وجود واحده او اثنين متحررين من شلتى الا انهم ليسوا بنفس تحرر لمى
    ولم يصلوا الا لزواج عادى وحاله ضنك :(

    اعتقد فعلا انك رايتى انها ربما يكون ينقصها الكثير من اهل واصدقاء حولها لكنها حققت ايضا رغباتها في الكثير
    ربنا هذه اراده الله في ان يمهل ولايهمل
    واعتقد غالبا ربنا بيكون عايز يثبت مع معنى انك متدين وخلوق لازم دة ينجحك وسعيك وايمانك بهدفك هو اللي بينجحك في الغالب

    تحياتى صديقاتى نقل ووصف رائع اتاثر بقصصك كثيرا ساظل اتذكر قصصك هذه حتى بعد مرور الحمله تستحق ان تكون في كتاب :)

    ReplyDelete